نقل تبعية "الكسب غير المشروع" لمجلس القضاء الأعلى وتعديل مادة براءة مبارك أهم توصياته
توصية بسن قانون لمحاكمة الوزراء وتعديل المادة 111 عقوبات لمحاسبة الموظف الأجنبى صاحب الحصانة
عقب حصول الرئيس السابق حسنى مبارك على البراءة فى قضايا الفساد والكسب غير المشروع، انتفضت جهة سيادية وقامت على الفور بإعداد تقرير مهم رفعته لمؤسسة الرئاسة ولمجلس الوزراء، طالبت فيه الرئيس عبدالفتاح السيسى، بإعطاء مكافحة الفساد أولوية أولى، وذلك للحد منه أو القضاء عليه نهائيا، كأحد مطالب ثورة 25 يناير ومكملتها 30 يونية.
ولفت التقرير الى أن إزالة أسباب الفساد تتطلب تنفيذ سياسات عديدة، منها تطبيق نظام الإدارة الالكترونية، بحيث يتم تقليل الاحتكاك المباشر بين الأفراد وموظفى الادارات، وخاصة الإدارات المعروفة بمنح التراخيص للمشروعات، وهو ما تم تطبيقه بالفعل من خلال المنظومة الإلكترونية لاستخراج بطاقات التموين.
وشدد التقرير على ضرورة إعادة النظر فى جميع التشريعات ذات الصلة بمكافحة الفساد لكى تتوافق مع الالتزامات التى تفرضها اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، مطالبا بأن يكون لتلك التشريعات أولية أولى فى مجلس النواب الحالى، موضحا أن عمل ذلك سيحد من الفساد ويعمل على إستعادة أى أموال يتم تهريبها للخارج.
وأوصى التقرير بتعديل المادة 15 فقرة 3 من قانون الإجراءات الجنائية، وذلك بإضافة الباب الثالث من الكتاب الثانى من قانون العقوبات الخاص بالرشوة الى الجرائم التى لا تبدأ المدة المسقطة للدعوى الجنائية فيها بالنسبة للموظف العام، إلا من تاريخ انتهاء خدمته أو زوال صفته.
وتلك التوصية تعالج الثغرة التى على أساسها حصل الرئيس السابق حسنى مبارك على البراءة فى قضايا فساد، بناء على مرور عشر سنوات على الواقعة، وهى المدة المسقطة للدعوى الجنائية فى قانون الاجراءات الجنائية الحالى، حيث طالب معدو التقرير بتعديله لحماية الدولة من الفساد المالى والإدارى.
وفى ذات السياق أوصى التقرير بتعديل المادة 16 من قانون الاجراءات الجنائية بتقرير وقف سريان المدة المسقطة للدعوى الجنائية حال وجود المتهم فى الخارج، وذلك على نحو المادة 532 من ذات القانون التى اعتبرت وجود المحكوم عليه فى الخارج مانعا لوقف فترة تقادم العقوبة.
ولضمان وجود آلية قانونية محكمة لمكافحة الفساد، شدد التقرير على ضرورة تعديل المادة 111 من قانون العقوبات باعتبار الموظف الاجنبى فى حكم الموظف العام فى تطبيق نصوص الفصل الخاص بالرشوة متى كان يؤدى خدمة عمومية فى مصر، أو إفراد نص خاص يجرم الفعل ويضع له العقوبة المناسبة مع معالجة الأمر حينما يكون الموظف الأجنبى متمتعا بالحصانة الدولية.
وفضلا عن المطالبة باصدار تشريع حرية وتداول المعلومات، طالب التقرير الحكومة بتشكيل جهاز على مستوى قومى، يكون مستقلا وتابعا لمجلس الوزراء، يكون مثل المفوض الاجتماعى العام، ويحل محل لجنة مكافحة الفساد المشكلة بقرار وزارى، وتكون له إختصاصات كاملة لكشف صور الفساد، منها الرقابة على تصرفات الادارات واشخاص القانون الخاص، وفحص كل الشكاوى المتعلقة بالفساد فى الوزارات والهيئات، وتحسين العلاقة مع الادارات والمتعاملين معها.
وأوضح التقرير أن مكافحة الفساد تتطلب انضمام مصر الى الاتفاقيات الدولية لمكافحة الفساد، وأهمها الاتفاقية العربية لمكافحة الفساد والمعتمدة من مجلس وزراء العدل العرب فى 21 /12/2010، والاتفاقية الإفريقية لمكافحة الفساد ومحاربته المعتمدة فى 12/7 /2002، فضلا عن ضرورة التزام السلطة التنفيذية رئاسة وحكومة وكذلك السلطة التشريعية بالدستور والقانون.
وفى هذا السياق طالب الخبراء بإلغاء ما تجيزه المادة 271/ 2من اللائحة الداخلية لمجلس النواب للاعضاء بالتعاقد مع الدولة فى حالات معينة، مشيرين الى أن ذلك يتعارض مع الدستور، مشددين على ضرورة أن تكون كل قرارات إدارات السلطة التنفيذية مسببة تسبيبا واضحا وصريحا (soot أو sot ) التى تعد نوعا من عقود الالتزام الا وفقا للدستور، وبوضع قانون للادارة المحلية بما يتيح للمجالس المحلية ممارسة كل صور الرقابة التى تمارس فى مجلس النواب ، كالسؤال العاجل والاستجواب وطرح الموضوعات للمناقشة.
ولتحقيق هدف مكافحة الفساد على أكمل وجه، شدد التقرير على ضرورة نقل تبعية جهاز الكسب غير المشروع الى المجلس الاعلى للقضاء، والغاء الاستثناءات من جميع النصوص القانونية واللوائح الا للضرورة القصوى، وسرعة اصدار قانون جديد لتنظيم محاكمة الوزراء والمحافظين ومن فى حكمهم.
وعلى الرغم من تلك التوصية الواضحة، إلا أن القوانين التى صدرت فى الفترة الأخيرة كالضرائب العقارية وقانون الاستثمار وقانون المناقصات كلها تضمنت استثناءات لجهات بعينها، بما فيها قانون الخدمة المدنية، بما يؤكد أن السياسات والقوانين تأتى على عكس أراء الخبراء وأحيانا الأجهزة السيادية فى مصر وعلى عكس توصياتها.
----------------
تقرير: سعيد نصر